samedi 23 août 2014

غلمان الصهيونية و السقوط الأخلاقي

تقف غزة اليوم كما وقفت مرات عديدة عصية على الكيان الصهيوني وأمام دعوات الإنبطاح و الخيانة من طرف عملاء العرب و أدعياء الصهيونية , إن ما نراه اليوم هو ظهور لحالات تصهين جنينية في عهد بدأت فيه الإنسانية تستعيد جزء من حريتها المسلوبة خاصة في شمال افريقيا و الشرق الأوسط إبان الخريف العربي. هذا الكيان الغاصب الذي يقوم على فكرة إلغاء الآخر و تسويق صورة الضحية في حين أنه الجلاد, يثير شفقة بعض المغفلين من أدعياء الإنسانية المزيفة من علمانيين و حداثيين الذين يريدون التأسيس لأفكار الخنوع و الذل للمحتل في تشابه واضح مع فكرة الحاكم المتغلب لدى متطرفي السلفية, إنه تطرف مقابل تطرف، فالمنتسبون لكل تيار يأخذ من منظريه القشور و ينسى القيم التي بنى عليها نضاله الإنساني التي كانت مساهمة في تقدم الإنسانية ,بشكل عام.

شاركت مؤخرا في مبادرة شبابية نظمت دعما للقضية الفلسطينية تعريفا و مناقشة و اقتراحا لحلول تزيل عنا عبئ حمله علينا ضعف و خنوع الحكام العرب . ساد طول فترة النقاش جو ايجابي يتخلله وعي بالقضية و حمل معه نفسا جديدا لخدمة هذه القضية العادلة , يا ليت الأمور بقت على هذا الحال لكن و مع نهاية اقتراب نهاية المناقشة أخذ احدهم الكلمة حتى يشرح وجهة نظره التي ابانت من جهة على جهله التام بالقضية و من جهة أخرى على مرض التصهين الخطير . حيث أشار في كلمته البيئسة عن جهله بسبب الصراع و يظهر هذا بكونه قد قدم "اسرائيل " كدولة ديمقراطية تحترم مواطنيها و إنطلاقا من هذه النقطة فلها حق الدفاع عن نفسها , ألا يشبه هذا الأمر ما تصرح به الخارجية الأمريكية , فبالله عليك كيف تعطيها الحق و هي محتلة لأرض فلسطين متغافلا هنا عن مجازرها التاريخية , فلم يقف الأمر عن هذا الحد بل لقد تلفظ بما هو أشنع أخلاقيا و للأسف أصبحت هذه الفكرة الخبيثة تتردد على ألسن العديد من الشباب العربي كون سكان غزة يستحقون ما يجري لهم كون حماس هي من بدأت بإطلاق الصواريخ  . هذا ما جرى و إن كان عصيا على 
.الإستيعاب إلا أنه الواقع المر الذي يجب مواجته بالتوازي مع مواجهة الصهاينة العرب


أريد أن أنبه الكثيرين  لأمور ستبين مدى تقدم  تلك البقعة من أرض فلسطين في مختلف الميادين , فقد دام الحصار أكثر من ثمان سنوات لكن قطاع غزة يعتبر المنطقة العربية الأقل نسبة في الأمية فيما تعتبر الجامعة الإسلامية بغزة  أفضل جامعة في فلسطين و تحتل مرتبة متقدمة في افضل عشر جامعات عربية , و في ظل هذه المعطيات أصبح قطاع غزة إضافة إلى عوامل آخرى قادرا على صناعة سلاحه و الوقوف في وجه " اسرائيل " مدمرا جيشها في المواجهات البرية مرات عديدة و محطما اسطورة الجيش الذي لا يقهر من طرف شعب لا يقهر رغم آلامه.يقوم البعض خصوصا في ظل العدوان الأخير بمهاجمة حماس  كونها اختطفت ثلاثة مستوطنين ,بل و في ظل انكارها و خلوص التحقيقات الإسرائيلية إلى "براءة " حماس من هذا الإدعاء وصل الحد ببعض دعاة الإنسانية المزيفة أن يساووا بين الضحية و الجلاد و يدعوها   لتتحمل مسؤولية أعمالها و أن ما تفعله هو اختباء وراء الشعب الفلسطيني بينما تقوم هي بإطلاق الصواريخ , إن هذا الكلام يشبه إلى حد كبير كلام الصهاينة مما لا يدع مجالا للشك أننا بصدد حالة ولادة قيصرية لما سأطلق عليهم غلمان الصهيونية , و هذا مستوى  متقدم جدا من التطبيع , ففي الماضي كنا نشاهد تصريحات لخونة العرب و ترى في وجوههم ملامح الضعف و الذل كأنهم يقولون ما بنا رمينا أنفسنا في هذا الجحيم أما هؤلاء فيقولونها بكل فخر كأنهم ينتظرون من " اسرائيل " مجازاتهم و نيل الجنان بهذه المداهنة لكن هيهات , فكيف لمن خان أعدل قضية إنسانية كي يرتمي في حضن أبشع كيان عرفته البشرية أن يكون إنسانا , فمن فقد أخلاقه كان كمن فقدَ إنسانيته.

إقليميا ,بات من المؤكد أن من أهداف الانقلاب في مصر هو الحفاظ على أمن الكيان الصهيوني بل ظهر بشكل جلي رغبة دول خليجية بتواطئ مع إسرائيل استئصال شأفة تيار الإخوان المسلمين في مصر و في العديد من الدول العربية و آخرها رغبتهم الواضحة نزع سلاح المقاومة في فلسطين و خاصة في غزة بعد أن عجزوا قبل ثمان سنوات عن ذلك مع حزب الله اللبناني قبل ان يرمي بنفسه الى الوحل.يأتي هذا الكلام في خضم ما نشاهده في الإعلام الذي نحسبه عربيا و أٌقصد المصري , هذا العداء الذي بتنا نشاهده و ننصت له بكل غضب و مرارة ليس وليد هذه اللحظة بل قد بدأ منذ سنتين و خصوصا عند صعود مرسي للحكم , فهو اعلام يعج بالمرتزقة عمل على شيطنة التيار الإسلامي و بما أن حماس حسب وصفهم امتداد للإخوان المسلمين في فلسطين فقد سوقوا لنفس الأسطوانة ,أسطوانة الإرهاب المشروخة,التي يعرف الجميع أهدافها ففي حين أن تعريف الإرهاب يبقى رهينا بالجهة التي تستعمله فقد تم استعماله لنسج حكايات خرافية اقتحام سجن و قتل للجنود .إن المتأمل الصادق في تاريخ حركات المقاومة سيخلص في  النهاية أن المقاومة تنتصر في النهاية مهما كان فارق القوى بينهما و ما غزة ببعيدة عن أعيننا . فأغلب الدراسات الدولية من بينها الأمريكية  تشير إلى أن اسرائيل في طريقها للزوال , و حينها لن يجد الصهاينة العرب ملجأ فكريا لهم لأن عداءهم للمقاومة مبني على أساس أديولوجي للتيارات الإسلامية ,لكن ما يغفل عنه بعض غلمان الصهيونية  من علمانيين و حداثيين عندما يتحدثون على حقوق الإنسان في بلدانهم و يتجاهلون ما يحدث في فلسطين لا لسبب سوى أنها تحمل جينات اسلامية ,أنهم يهدمون فكرة الإنسانية  التي لا تعرف لمناصرة المظلوم حدودا في عمقها,ناهيك على مركزية قضية فلسطين للمسلمين.

إننا أمام لحظة تاريخية جاءت لترسل من جديد رياح التغيير في الدول العربية و كي تزعج  المستبدين العرب و  تعصف بخدام عروشهم و حفنة الكهنة المحيطين بهم , لحظة عز للمسلمين بغزة و تذكرنا و تقول لمن قال بأن هذا الخريف مؤامرة أنهم واهمون و إلى جحورهم سيعودون , لحظة تذكر عُبَّاد المفاوضات أننا أمام عدو غادر لا يرضخ إلا بالقوة .

!!! رحم الله شهداء غزة و شهداء الثورات العربية 

dimanche 26 janvier 2014

الإختلاف , نظرة أخرى



يمكن أن يعزى الاختلاف بين مختلف المجتمعات العربية  إلى اختلاف على مستوى المنظومة القيمية الأخلاقية التي تكونت من خلال عادات و تقاليد المجتمعات على مر القرون و أساسا الإسلام الذي عمل   على تنظيم حياة الإنسان على مستوى الغاية و تهذيب روحه و ربط الأخلاق بما هو أسمى حتى لا تتحلل. فالمجتمعات العربية بتعدد خلفياتها و تقاليدها  و بنيتها مختلفة  على نظيراتها الأوربية و الأمريكية  و كذا على مستوى رؤية المسلمين الحضارية المتمثلة في هدف خلق الله للانسان من خلافة و اعمار للارض فالرؤية هنا مستمدة من الجانب الديني عكس المجتمعات الاخرى التي وضعت الدين كإعتقاد جانبا.ومن نافل القول ان المبادرات العديدة في العشر سنوات الاخيرة  لتشخيص امراض المجتمع  التي استنار أصحابها بنور أفكار النهضة ، أفكار مالك بن نبي التي أنارت معظم نقاط الظلمة في الرؤية الحضارية ,  قدمت تفسيرا للخلل الذي تتفرع منه أزمات الأمة العربية و الإسلامية لمعرفة كيفية النهوض فمنها ما يتعلق بالإنسان و منها ما يتعلق بالتراث الإسلامي ، و أضحت الحاجة كبيرة في ظل نمو فكر الغلو و التطرف المذهبي إلى فكر إسلامي  بحداثة أصيلة  بروح متجددة و في الوقت ذاته متناسبة مع تطور المجتمع الإنساني و ليس مع ما فرض عليه من ثقافة المجتمعات الأوربية و الأمريكية من بعض القيم المادية الهدف و ما يشوبها من انحلال خلقي.

فتنظيم المجتمع يخضع لقيم خلقية تنظم نشاطه نحو غاية يحددها ،وهي مقاييس و قواعد قابة للتغيير.فاذا تابعنا تطور المجتمع الإسلامي منذ ان وضع الرسول  صلى الله عليه و سلم لبناته الأولى فقد بلغ أوجه في عهد الخلفاء الراشدين و بدا أفوله مع تغيير نظام الحكم كنقطة سقوط و انحدار متميزا  بغلبة فكرة الكم على فكرة الفعالية , بمعنى توجه المسلمين للتوسع بشكل يعتمد الهيمنة و لم يعمدوا على تكوين الانسان روحيا و اخلاقيا. طبعا هنالك استثناءات, لكن النموذج السائد هو ما اوصل المسلمين الى ما عليهم اليوم , و كمثال أورد تساؤلا يؤرقني لماذا اتجه المسلمون في  "الفتوحات" للشمال و لم يتوجهوا نحو جنوب أفريقيا و الشرق نحو اسيا ؟ و لماذا عندما يتناول هذا الموضوع، نتكلم عنه بفخر كأننا أوصياء على غير المسلمين و أن بأيدينا مفاتيح الجنة, نعظم من نشاء و نظن الآخرين عبيدا لنا وجبت عليهم الطاعة في حين ان الواقع اليوم هو عكس ما نظن تماما ! اترك للقراء حرية البحث, فالبحث في هذا السؤال سيتيح لنا  تصحيح أفكار كثيرة في إطار تعاملننا مع غير المسلمين .  

و  الذي انتبه فعليا للإ شكال يجب ان يعي ان المشكل من داخل تراثنا الذي نعطيه طابع القدسية مخلفا
آنذاك اعتقادات بالتعالي على الآخر و غيرها من الآفات النفسية فيقوم ذلك التراث المجتمعي عن طريق أدوات ناتجة عن تراكم تجارب الأجيال المتعاقبة بتحصين نظام عمله كإضفاء طابع ديني تارة أو طابع التقليد ، لذا يجب على النقد بالأساس أن يتوجه لكيفية نظر المجتمع للمختلف و للمخالف . هذه الخطوة التي تندرج في إطار محاولة لتشخيص الأزمة يجب ان تنطلق من الشعور بالمسؤولية و ليس من منطلق الوصاية و  فرض نمط خاص لا خروج عنه من طرف المجتمع ، و بالنسبة لهذا الأمر  فهو يدخل في أساسيات بناء دولة الإسلام التي هي بالضرورة دولة الإنسان بغض النظر عن المعتقد  كون رسالة النبي صلى الله عليه و سلم رسالة عالمية ,ففي هذه الدولة جميع الأفراد متساوون في الحقوق و الواجبات فلا نحن مواطنون من الدرجة الأولى (أي المسلمون ) كما يصور البعض و لا الآخرون ثانويون  و لا حتى من درجة ثانية ، و كما أفردت مسبقا لا يجب أن يكون عيشهم في هذا البلد تفضلا منا عليهم لست هنا بمدع فحقوق الانسان فصلت في  القرآن قبل ان تذكر في الاعلان العالمي لحقوق الانسان .  

قد يقول قائل أن هذا النقد يدخل في جلد الذات و الأمة بخير طالما التزمت بطاعة ولي الأمر و بالعبادات و عن السكوت إزاء أصنام تراثها و طابوهات المجتمع . نصلي كل يوم و نصوم كل سنة ، كما نحن هذه السنة كما كنا السنة  الماضية فلا هي غيرت من سلوكياتنا و لا أعطيناها حقها  ، روحيا و سلوكيا أتكلم . هذا من جانب أما من الجانب الآخر فما أن يخرج شخص متجدد الأفكار ، دائم النقد و غير جامد الفكر يحاول هدم أصنام صنعناها من تراثنا الاسلامي , حتى تنتفض العقول الجامدة بالتكفير و التخوين تارة برميه بالإلحاد و تارة بالتشيع ، لا لسبب واضح إلا لأن افكاره تهدد راحة البعض ممن استفادوا من جمود عقول الناس على الأفكار السائدة  . و لأن أنفسنا  مجبولة على الراحة و عدم " زعزعة " سباتها نحس عند أول تهديد لهذه الأصنام بتضخم الأنا الممزوج بالغضب المصطنع بحجة الوصاية المطلقة على الدين , فعندما نريح أنفسنا من التفكير و نرمي مخالفا بأديولوجية تحمل معنى سلبيا في قاموس الوعي الجمعي للمجتمع يؤدي هذا إلى ركود المجتمع و تقوقعه على أفكاره  .أن نخدع أنفسنا و نعزو فشلنا في مقاومة هذا السيل المتدفق من الصدمات إلى الآخر كفيل بأن يكرس في عقولنا أفكار التعالي و الغرور  و أهم من هذا  ضمان الجنة التي يمكن إختزالها في فكرة " شعب الله المختار", و بأن نقنع أنفسنا  أن أخطاءنا ما هي إلا نتيجة تآمر الآخر علينا (الغرب) .